من أخبار الجن.
وكان قول الجن «أَنَّهُ
كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ
رَهَقاً» «4» انه كان رجال من العرب، من قريش وغيرهم، إذا سافر الرجل فنزل
ببطن واد من الأرض ليبيت به قال اني أعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن
الليلة، من شر ما فيه.
نا أحمد نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني بعض أهل
العلم أن امرأة من بني سهم يقال لها العيطالجه كانت كاهنة في الجاهلية
جاءها صاحبها ليلة من الليالي فانقض تحتها فقال: إذن من أذن يوم عقر ونحر
«5» ، فقالت قريش حين بلغها ذلك: ما يريد؟ ثم جاءها ليلة اخرى، فانقض تحتها
فقال: شعوب ما لشعوب تصرع فيه كعب لجنوب، فلما بلغ ذلك قريشاً قالوا: ماذا
يريد؟
إن هذا لأمر هو كائن، فانظروا ما هو، فما عرفوا حتى كانت واقعة بدر وأحد بالشعب، فعرفوا أنه كان الذي جاء به إلى صاحبته.
نا
أحمد: نا الحسن عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن ابراهم في قوله «6»
تعالى: «وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ
الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً» قال: كانوا إذا نزلوا وادياً قالوا: إنا
نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه [29] قال: فيقول الجنيون تتعوذون بنا
نحن لا نملك لأنفسنا ضراً ولا نفعا! قال: «فَزادُوهُمْ رَهَقاً» قال:
فازدادوا عليهم جرأة
حدثنا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: وكان هذا الحي من الانصار يتحدثون
مما كانوا يسمعون من يهود من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أول ذكر
وقع بالمدينة، قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن فاطمة ام
النعمان بن عمرو، اخي بني النجار- وكانت من بغايا الجاهلية- وكان لها تابع،
فكانت تحدث أنه كان إذا جاءها اقتحم البيت الذي هي فيه، اقتحاماً على من
فيه حتى جاءها يوماً، فوقع على الجدار ولم يصنع كما كان يصنع، فقالت له: ما
لك اليوم؟ قال: بعث نبي بتحريم الزنا.
أحمد: يونس عن ابن إسحق
قال: حدثني يعقوب بن عقبة بن المغيرة بن الأخنس عن عبيد الله بن عبد الله
بن عتبة بن مسعود أنه حدثه: إن رجلا من ثقيف يقال له عمرو بن أمية، وكان من
ادهى العرب، وكان يضن برأيه على الناس؛ قال يعقوب: فلما رمي بالنجوم، كان
أول حي فزع لها من الناس ثقيف، فجاءوا إلى عمرو بن أمية فقالوا له: هل علمت
بهذا الحدث الذي كان؟ فقال:
وما هو؟ فقالوا: نجوم السماء يرمى بها،
قال: ويحكم انظروا فإن كانت هي المعالم التي يهتدي بها في البر والبحر،
وتعرف بها الأنواء من الشتاء والصيف لصلاح معايش الناس، فهو والله فناء
الدنيا، وفناء هذا الخلق، وأن كان غيرها، فهو لأمر حدث أراد الله عز وجل به
هذا الخلق، فانظروا ما هو؟
أحمد: يونس عن ابن إسحق قال: حدثني
الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس قال: حدثني رهط من الأنصار قالوا: بينا
نحن جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، إذ رأى كوكباً، فقال
ما تقولون في هذا الكوكب الذي رمي به؟ فقلنا: يولد مولود، يهلك هالك، يملك
ملك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ليس كذلك، ولكن الله عز وجل
إذا قضى امراً في السماء سبح بذلك كله العرش فيسبح لتسبيحهم من يليهم ممن
تحتهم من الملائكة، فما يزالون كذلك حتى ينتهي التسبيح إلى السماء الدنيا
فيقول أهل السماء الدنيا لمن يليهم من الملائكة مم سبحتم؟ فيقولون: ما ندري، سمعنا من فوقنا «1» من الملائكة سبح
فسبحنا الله عز وجل لتسبيحهم، ولكنا نسل، فيسلون من فوقهم، فما يزالون كذلك
حتى ينتهي إلى حملة العرش، فيقولون: قضى الله عز وجل كذا وكذا، فيخبرون
«2» به من يليهم حتى ينتهوا إلى أهل السماء الدنيا [30] فيسترق الجن ما
يقولون، فينزلون به إلى أوليائهم من الإنس فيلقونه على ألسنتهم، بتوهم منهم
فيخبرون الناس، فيكون بعضه حقاً، وبعضه كذبا، فلم يزل الجن كذلك حتى رموا
بهذه الشهب
.
أحمد: يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس: إن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء، فيستمعون الكلمة من
الوحي، فيهبطون بها إلى الأرض، فيزيدون معها تسعاً، فيجد أهل الأرض تلك
الكلمة حقاً والتسع باطلاً، فلم يزالوا بذلك حتى بعث الله عز وجل محمداً
صلى الله عليه وسلم، فمنعوا تلك المقاعد، فذكروا ذلك لإبليس، فقال: حدث في
الأرض حدث، فبعثهم، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن بين
حبلي نخل، فقالوا: هذا والله الحدث، وإنهم ليرمون فإذا توارى النجم عنكم
فقد أدركه لا يخطىء أبدا، ولكنه لا يقتله، يحرق وجهه وجنبه ويده۔